النمط الإجتماعي

فهم مراكز الإنيجرام الرئيسية

استشكاف البدن والقلب والعقل

المقدمة

الإنيجرام نظام عميق لفهم مجمل سلوك الشخصية البشرية ودوافعها. وفي نواة هذا النظام، تتوزع كل الأنواع على ثلاثة مراكز أساسية تُعتبر مصادر الذكاء السلوكي -إن شئت- للفرد، هذه المراكز هي: مركز البدن (الغرائز)، ومركز القلب (الشعور) ومركز العقل (التفكير). وتعمل هذه المراكز كعدسات، يفهم الفرد من خلالها العالمَ من حوله، ويتفاعل معه، مما يشكل في الأخير أفكاره ومشاعره وأفعاله. وهكذا سنفهم لماذا يرى الآخرون العالمَ مِن حولنا بشكل مختلف، ويفسرونه بطريقة قد نستنكرها أو لا نُعجب بها.

نظرياً، فنحن نحتوي على كل ما تعنيه هذه المراكز الثلاث، والتي سنكشف بعضَ خفاياها بشيء من التفصيل عما قريب، ولكن للأسف فالواقع هو أننا لا “نستعمل” سوى مركز واحد “مهيمن” بشكل رئيسي، وقد نستعين، وقد لا نستفيد، من المركزين الأخريين، بل الأسوأ أننا قد نطور أسلوباً في التعامل مع بعض القضايا الخارجية التي تحتاج لخبرة أحد المركزين الآخرين، إلا أن شخصيتنا تقوم بتوليف أسلوب مبتكر بناءً على ذكاء وخبرة المركز المُهيمن، للتعامل مع هذه القضايا، من دون الرجوع “الفعلي” لتلك المراكز والاستفادة منها، وقد يكون أحد ذينك المركزين هو المعني بشكل مباشر بتلك القضية، ومن الأفضل أن يأخذ هو دور الفاعل فيها، ولكن للأسف، فتعسف شخصيتنا يمنعنا من الاستفادة مما هو متوفر لنا!

وإحدى فوائد معرفة إلى أي مركز أنت قد تنتمي، هي إمكانية تحديد نوعك الرئيسي بشكل أفضل، وبالتالي معرفة طبيعة ردود أفعالك، وتصرفاتك، وقراراتك وأسلوب حياتك. وكذلك المصاعب التي قد تواجهها في حياتك الشخصية، والعملية، والأسرية، بالإضافة إلى المواهب التي قد تنطوي عليها، والمهارات المتوفرة لك.

وغنيٌ عن القول، بأننا إذا أردنا أن نحصل على حياة مستقرة ومطمئنة، فإن خلق التوازن ما بين هذه المراكز، سينعكس بشكل كبير علينا، وسننعم نحن أيضاً بتوازنٍ ملموس، ونظرة إيجابية، واقعية للحياة. وسيوفر لنا نمواً مطرداً كلَّ يوم.

يتم تقسيم الأنواع التسعة على المراكز كالتالي:

  • الأنواع على مركز البدن هم: ثمانية، تسعة، وواحد
  • الأنواع على مركز القلب هم: اثنان، ثلاثة، وأربعة
  • الأنواع على مركز العقل هم: خمسة، ستة، وسبعة

إن كنتَ ما زلت معنا، فأنت جادٌ فعلاً في معرفة المزيد عن نفسك، وهذه علامة طيبة J فواصل معنا.

تصنيفات النمط الإجتماعي

مركز البدن، ويُسمى المركز الغرائزي أيضاً، وهو متأصل بشكل عميق بغرائزنا الفطرية الخاصة بالعيش وحب البقاء، هو الذي يعطينا معنى الحياة، والعيش، فإحساسنا بالبدن، هو إحساسنا بنفس وجودنا، ومَن نحن، ويشكل – بنحوٍ ما – هوية خاصة بنا، ويطور آليات خاصة بالبقاء في داخلنا، مثل اكتشاف المخاطر التي تهدد حياتنا، والتعامل معها، مما يُشَّغِلُ عملية “الفرَّ والكرَّ” كاستجابة غريزية عند مواجهة هذه المخاطر والتهديدات. فهذا المركز مرتبط بردود الأفعال الغريزية الفطرية، والدافع الغريزي لحفظ الذات.

الأنواع على هذا المركز: ١ و٩ و٨، مشغولون بمدافعة ومضاربة الواقع من حولهم، وكثيراً ما تكون مشاكلهم مع العدوانية والقمع، ولذلك فإن العاطفة الكامنة في هذا المركز هي “الغضب”.

مركز القلب، ويُسمى مركز الشعور، وهو مركز المشاعر الحيوية والضرورية لنا في الحياة، والذي يمدنا بالإحساس بكل هذه المشاعر، أكانت منا شخصياً أو بالتفاعل مع مشاعر الآخرين، وتلمسها وتحسسها، وهذا المركز يساعدنا على تكوين علاقات مع الآخرين، والإبقاء والمحافظة عليها.

وينشغل أنواع هذا المركز: ٢ و٣ و٤، بالتفكير في صورة-الذات الخاصة بهم “الافتراضية”، فهم يعتقدون أن الكلام والقصص حول صفاتهم المُفترضة يمثل هويتهم الحقيقية، وهو ما يعكس العاطفة الكامنة تحت هذا المركز “الشعور بالنَّقص” أو ما يسميه بعض الكُتّاب “الشعور بالعار”.

مركز العقل، ويُسمى أيضاً مركز التفكير، وهو الذي يساعدنا على تجميع وتحليل المعلومات، وابتكار طرق جديدة لإنجاز الأشياء، والتخطيط للمستقبل، وإعطائنا ما نحتاج لاتخاذ القرارات أياً كانت، وهو يساعدنا على معايشة أفكارنا ومعتقداتنا والتعبير عنها، بالإضافة لعمل بعض العمليات الذهنية مثل التخيلات والتصورات الذهنية.

وينشغل أنواع هذا المركز: ٥ و٦ و٧ بالشعور بالقلق، فهم يعانون من الافتقار للدعم والتوجيه، وما يغذي هذه المشاعر هو العاطفة الكامنة لهذا المركز “الخوف”.

كما ذكرنا سابقاً، فإننا في الحالة المثالية نستطيع استعمال المراكز الثلاثة، كلاً في مجاله، فمركز البدن حينما نحتاج لوضعية معينة، مركز الشعور عند احتياجنا للتواصل مع الآخرين، ومركز العقل في حال الحاجة لتحليل المعلومات. إلا أن ذلك لا يحصل دائماً، بل غالباً.

فالمركز المهيمن لدينا، يستقطب كل طاقتنا عنده، فمثلاً لو أراد نوع “عقلي” الخروج في نزهة أو عمل رياضة ما، فإنه فُجأةً سيجد نفسه منغمساً في قراءة شيء ما علمي أو تحليلي أو خبري لمدة ساعات، وبالمثل لو أن نوع “شعوري” أرادت المشي مثلاً، فإنها بدلاً من أن تكون حاضرة بالكامل في بدنها، وتتفاعل معه، فإنها ستقضي معظم الوقت في محادثات مع صديقاتها!

والمثير هنا، أن هذا الأمر يستفحل بحيث أن هذا المركز المهيمن يبدأ في حل مشاكل لا تقع من ضمن تخصصه بأدواته التي لا تنفع بشكل فعال في حلها أو التفاعل معها. فعلى سبيل المثال، قد لا يشعر النوع العقلاني بأنه يستخدم أدوات العقل في معالجة قضايا شعورية أو عاطفية، وبالمثل فإن النوع العاطفي قد ينزلق من حيث لا يدري أنه يستخدم الأدوات العاطفية والشعورية في قياس وتحليل القضايا العقلية، وهكذا دواليك.

كلمة أخيرة

شخصيتنا تلعبُ دوراً محورياً في استقطاب انتباهنا وتركيزنا على مركزٍ واحد، فهي تحاول دائماً أن ترجع لهذا المركز الذي اختارته في ظروف معينة سابقة، واستأنست وتعودت على أدواته، وخَبُرَت استجابته وتفاعلاته، وطورت أساليب وآليات دفاع وردود أفعال مناسبة لكل ذلك. وعليه، فمن الصعب عليها أن تتنازل عن كل ذلك والذهاب إلى المركز الآخر وبناء منظومة كاملة من التفاعلات والسلوكيات بحسب أدوات ومعطيات ذلك المركز، ولذلك فهي دائماً سترجع بنا إلى ما هي معتادة ومنسجمة معه. إلا أن هذا ليس في صالحنا، فقد أُعطينا وفرةً من الأدوات والأجهزة، وعلينا أن نستخدمها جميعاً قدر المستطاع، ولا يمكن -لأننا فقط اعتدنا على استعمال جهاز واحد- أن نستغني عن الباقين.

وربما يسهل علينا فهم هذه المعادلات بالنظر إلى بعض الذين فقدوا أيديهم منذ الولادة، كيف أنهم طوروا قدراتهم ومهاراتهم بحيث أنهم باتوا يستخدمون أصابع أقدامهم تماماً مثلما نحن نستخدم أصابع أيدينا، بالكتابة والرسم بل والخياطة والنحت، فمن ولد وتربى على استخدام كلتا يديه في قضاء كل أموره، ولكي نكون دقيقين أكثر فبعضنا لا يحسن حتى استخدام يده الأخرى، قد لا يتصور للحظة أنه بالإمكان مسك إبرة بأطراف أصابع قدميه!

وهكذا نعلم دون ريب، أن لدينا الكثير من الأدوات، ولكن “اعتيادنا” على استخدام أداة معينة، أعمتنا عن التفكر في باقي الأدوات، وجعلتنا -شخصيتنا- نستبعد إمكانية استخدامها وتطويرها، بل وأنه لا جدوى من ذلك. تصور لو أنك تكتب بيديك اليمنى واليسرى، وبالإضافة لذلك فإنك تستطيع الرسم بالفرشاة باستخدام فمك، أو أصابع قدميك، أليس ذلك رائعاً ومدهشاً!

المصادر

تبحث عن تطوير ذاتك أو كيفية التعامل الأفضل مع الآخرين؟

هناك الكثير من المعلومات والنصائح التي يصعب عليك إيجادها بسهولة نحن هنا لنقدم لكم الدعم والإرشاد وبشكل مجاني لفترة مؤقتة
إشترك الآن